CrY2DaY

أيـــام الغــــريب

الأحد، 27 أبريل 2008

«المسألة الكبرى»..

أهم مجلات الشوارع في بريطانيامشروع رأسمالي لمساعدة المشردين






لندن: «الشرق الأوسط»

«جيري» يقف يوميا خارج محطة «هولبورن» لقطارات الانفاق بوسط العاصمة البريطانية لندن ليس بعيدا عن مقر جريدة «الشرق الأوسط»، يصيح امام الغادي والرائح بالإنجليزيةBig Issue وهو اسم المجلة بالانجليزية والذي قد يعني بالعربية المسألة الكبرى او العدد الكبير.. او كلاهما)، ثيابه الرثة ووضعه المزري تدل على أنه بلا مأوى وأنه واحد من مئات المشردين الذين يبيتون في شوارع عاصمة الضباب. البعض يقف ليعطيه بعض النقود ويأخذ نسخة من المجلة. يعتبر «جيري» وغيره من المشردين الذين يبيعون مجلة «المسألة الكبرى» بنظر البعض ضحايا للمجتمع الرأسمالي القاسي، إلا أن هذه الرأسمالية تساهم في تخفيف المعاناة بحسب رئيس تحرير المجلة «مات فورد». المجلة لا تباع في الأسواق والمحال التجارية بل يوزعها المشردون في المدن البريطانية الكبرى سعرها 1.40 جنيه استرليني أي نحو دولارين ونصف، يأخذ منها المشرد دولارا ونصف ويذهب الباقي لصالح المجلة. «فورد» أكد خلال حديثه مع «الشرق الأوسط» أن الهدف من توزيع المجلة عبر المشردين ليس توفير العائد المادي لهم في الأساس بل إخراجهم من «حالة التشرد النفسي»، وخلال حديثنا مع المشرد «جيري» أكد أن بيعه المجلة يكسبه الثقة بالنفس ويعيد إليه احترام نفسه إذ لم يعد مشردا يتسول الناس بل هو يعمل بجد لكسب لقمة عيشه وقال «أقف في هذا المكان منذ أكثر من ثلاثة أشهر بشكل يومي، البرد قارس في لندن خلال الشتاء إلا أن هذا لا يمنعني من بيع المجلة، انا الآن شخص مستقل لا يتسول الناس وأحصل رزقي بصورة قانونية». «جيري» يحصل نحو 30 جنيها استرلينيا في اليوم أي ما يعادل 53 دولارا اميركيا.«كريس» مشرد اخر يبيع نفس المجلة ويعتبرها واحدة من أنجح المشاريع التي تهتم بالقطاعات المهمشة في المجتمع، ويبدو «كريس» مختلفا كثيرا عن «جيري» فهو يتحدث بلغة انجليزية راقية ولا يوحي هندامه بأنه مشرد، إلا أن قصته ومعاناته مؤلمة فهو في الأصل مرشد اجتماعي كان يعمل لصالح الشرطة والقضاء البريطانيين في مجال الرعاية الاجتماعية وإرشاد الاحداث، إلا أن الزمن دار به وانتهى مشردا دون مأوى. كريس يرى أن بيع المشردين للمجلة «يكسبه الخبرات الاجتماعية اللازمة للعودة إلى الحياة الطبيعية، فالباعة ليسوا متسولين ولا يسألون الصدقات، واحتكاكهم مع الناس يكسبهم الثقة بالنفس والإحساس بأنهم ليسوا أقل شأنا من الآخرين». ويعتقد «كريس» أن بيع المشردين ايا كانوا للمجلة أفضل من التسول أو السرقة حتى لو كانوا من مدمني المخدرات «فالمدمن إما أن يسرق وإما أن يتسول ليوفر المال اللازم لإشباع ادمانه».المشردون الذين يبيعون المجلة مجمعون على أنها تساهم في تحسين الحالة النفسية لهم في المقام الأول بالإضافة إلى أنها تجبرهم على إدارة مدخولهم بطريقة حصيفة فهم يشترونها سلفا من الناشر ويقومون ببيعها بعد ذلك، الأكثر من هذا هو أن المؤسسة القائمة على المجال تقدم خدمة حسابات التوفير لهم.«مات فورد» رئيس تحرير المجلة أوضح «للشرق الأوسط» أن الفكرة من وراء المجلة هي اخراج المشردين من حالة الاعتماد على الآخرين وتلقي التبرعات، بل إنه يرفض مبدأ شراء المجلة من قبل الجمهور كصدقة بل يشدد على ضرورة اعتبارها مجلة محترفة وقادرة على المنافسة. الإحصائيات تؤكد قول «فورد» فالمجلة توزع أكثر من 160 ألف نسخة وهو عدد كبير بكل المقاييس لمجلة تباع في الشارع ويصل مجمل عدد قراء «المسألة الكبرى» إلى أكثر من مليون شخص أما القراء الدائمون الذين يشترونها اسبوعيا فهم عشرات الآلاف. المجلة تصدر كل اثنين وتطبع في ورق صقيل، اغلفتها والكثير من صفحاتها الداخلية ملونة. ورغم تنوع صفحات المجلة التي تغطي قضايا الساعة والرياضة والبيئة فإن أهم ما فيها هو صفحات المنوعات حيث ان «المسألة الكبرى» التقت بمعظم المشاهير وفي احيان كثيرة تخرج بأخبار خاصة أو تلتقي بشخصيات ترفض اجراء حوارات صحفية، وعدد الأسبوع الماضي ضم لقاءً مهما مع الممثلة الحسناء «غوينث بالترو». ويكفي مثلا أنها كانت أول مجلة يعترف لها المغني الاميركي «جورج مايكل» بانحرافاته، كما خصها الممثل «ارنولد شوازينغر» بتصريحات قبيل انتخابه حاكم لولاية كاليفورنيا هذا ناهيك عن لقائها المشهور مع فرقة «سبايس غيرلز» قبل انفراط عقدها.علاقة المجلة بالمشاهير تعود إلى تاريخ تأسيسها ففي عام 1991 شاهد المليونير البريطاني «غوردن ريديك» المشردين في مدينة نيويورك يبيعون مجلةStreet News «اخبار الشارع»! فقرر إنشاء مجلة بالتعاون مع «جون بيرد» أحد عمالقة الفن في بريطانيا، يبيعها المشردون في لندن وبالفعل في سبتمبر من نفس العام صدرت «المسألة الكبرى» كمجلة شهرية وحققت نجاحا مذهلا فتحولت عام 1993 إلى مجلة اسبوعية. ولما لم تكن ظاهرة التشرد محصورة في العاصمة البريطانية بل تشمل معظم المدن الكبرى في البلاد صدرت نسخ خاصة بكل مدينة كبيرة فصارت المجلة توزع في «مانشستر» و«غلاسغو» و«بريستول» و«كارديف» وغيرها. النجاح لم يتوقف عند حدود المملكة المتحدة حيث صدرت نسخ محلية عنها في اميركا واستراليا وجنوب افريقيا واليابان وزيمبابوي، وأعقب ذلك إنشاء «الرابطة العالمية لصحف الشوارع»!.المجلة تصدر عن مؤسسةBig Issue والأرباح التي تحققها تعود إلى مؤسسةBig Issue Foundation أو جمعية المسألة الكبرى الخيرية. والجمعية تقدم معونات وارشادات في مجالات السكن والعمل والتدريب المهني للمشردين. الغريب في الخط التحريري للمجلة أنها لا تتبنى خطا يساريا واضحا كما هو معتاد في المطبوعات التي تهتم بالشأن الاجتماعي العامSocial Welfare ، بل بالإمكان القول أنها مستقلة جدا. ويصر رئيس تحريرها على أنها فكرة «رأسمالية» تخدم المتضررين من سطوة رأس المال!

1 تعليقات:

في 28 أبريل 2008 في 4:07 م , Anonymous غير معرف يقول...

بجد انا سعيد انى دخلت مدونتك
علشان هى من امتع المدونات الى ابلتها
محمود على
صاحب مدونت
www.mahmoud-dodo.plogspot.com
من فضلك ابعتلى ايملك الخاص
عندى موضوعات تخص مدونتك

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية